جامعة في
العالم
مسجد القرويين وأول
جامعة في العال
مسجد القرويين أو جامع
القرويين يتواجد بالعاصمة العلمية فاس و هي مدينة عريقة و ذات حضارة ثرية جدا، و قد
بنيت فاس الأولى إبان حكم دولة الأدارسة على يد ادريس الأول و هو الأمير ادريس بن عبد الله
الحسيني و كان ذلك سنة 172 هجرية بينما انشأ ابنه ادريس الثاني سنة 192 هجرية، فاس الثانية و سميت
ب"العالية" قبل ان تلقب بفاس و أدى ازدياد المعمار الى
التحام المدينتين لتصير مدينة واحدة و تحمل اسم فاس الى الان، و تجزئت
لمنطقتين "عدوة الأندلسيين" لكون جالية أندلسية كانت تسكنها انذاك و
"عدوة القرويين" نسبة لاهل القيروان الذين هاجروا الى فاس واستقروا بها ، اما
المسجد فقد بني على المكان الذي هو عليه الان على يد ادريس الثاني بعد ان
جعل من فاس عاصمة له بعد مدينة "وليلي " الاثرية و سمي انذاك بمسجد الشرفاء و كان يعد مسجد عدوة القرويين
و في مقابله مسجد الاشياخ
الذي كان في عدوة الاندلسيين ، كان المسجد يشغل مساحة صغيرة فقط.
كانت مدينة فاس تعرف في تلك
الحقبة رخاء اقتصاديا و رواجا تجاريا مهما فكثر عدد المهاجرين اليها و منهم
تاجر من القيروان اسمه محمد بن عبد الله الفهري و كانت له ابنتان توفي عنهما لترثان كل ما
لديه من أموال فقامت ابنته فاطمة بنت محمد بن عبد الله الفهري ( الملقبة الان
بفاطمة الفهرية وايضا ملقبة بأم البنين و ما زالت العديد من المدارس و
الثانويات تحمل اسمها الىالان)، بإعادة بناء المسجد سنة 245 هجرية بعد ان
اقتنت الحقل المجاور للمسجد من رجل من قبائل هوارة فأصبح المسجد واسعا
ممتدا و اكتسى حلة جديدة و بهية و تم انشاء محراب و منبرين جديدين كما بنيت مئذنته التي تبهر زوارها الى الان بعلوها و شموخها و
بنفس الوقت، شيدت اختها مريم مسجد الاشياخ كما سبق و ذكرنا الذي في عدوة
الاندلسيين فالمسجدين من تشييد ابنتين صالحتين، و لم تتوقف توسعة المسجد عند هذا الحد بل شهد
توسعتين ثانيتين ، حيث اضاف أمراء زناتة ثلاث الاف متر مربع الى المسجد و ما
زالت الصومعة المربعة الواسعة في المسجد تشهد لهم بهذا العمل الى الان و هي
اقدم منارة مربعة في المغرب العربي ، كما قام المرابطون بزيادة مساحته و
تفننوا في صنع القباب و الاقواس و نقش الايات القرانية و الاحاديث و الادعية و كانت للموحدين بصمتهم أيضا بأن وضعوا
الثريا الكبرى التي تزين المسجد الى يومنا هذا ...
و يتوفر الجامع على سبعة عشر
بابا و جناحين يلتقيان عند الصحن الذي يتوسط المسجد و الذي يشبه في تصميمه شكل الصحن
الأسود في قصر الحمراء بالاندلس و يتوفر كل جناح على مكان للوضوء من المرمر و
بشكل عام فان تصميم الجامع الفاسي مأخود من المعمار الاندلسي.
و قد عرف المسجد عبر السنين
تحسينات عدة، حيث زين بالثريات و الساعات الشمسية الرملية و زود بخزانة للكتب و
المصاحف.
و قد كان للمسجد كما باقي
المنارات المغربية دورا سياسيا و عسكريا أيضا، فقد كان مركزا للتحرك ضد الاستعمار الفرنسي بحيث
كان يجتمع فيه رجال المقاومة حتى قال عنه الجنرال "ليوطي" بعد ما
لقي من بأس أهله و رواده "لا استقرار لنا في المغرب الا بالقضاء على هذا البيت
المظلم". كان المستعمرون يلقبونه بالبيت المظلم و يرونه كذلك و كان بعون الله
و بفضل تلاوة و تعليم كلامه فيه يزداد نورا و شدة فخاب أمل الفرنسين و
لم يستطيعوا القضاء عليه فبقي شامخا الى الان كما هو.
و لم يقتصر المسجد على هذا
الدور و انما جعل منه العلماء مكانا يلقنون فيه طلبتهم العلوم و ازداد الاهتمام بالعلم حتى
تحولت مدينة فاس الى مركز علمي نافس مراكز علمية عديدة كقرطبة و بغداد و
تجاوزها بعد ان انتقل الجامع الى جامعة علمية يتخذها العلماء مقرا لإلقاء
دروسهم، إلا أن القرويين لم يتحول الى جامعة فعلية معززة بالعديد من المدارس حوله و مهياة بكراسي علمية و خزانات إلا في العهد
المريني و هكذا أصبحت جامعة القرويين أول جامعة انئشت في تاريخ العالم و صنفت
في موسوعة غينيس للأرقام القياسية كأقدم جامعة في العالم و التي ما زالت تدرس الى الان !!!
و لم تقتصر الجامعة على
العلوم الدينية و التشريعية فحسب بل تجاوزتها الى العلوم الاخرى ، من فيزياء و كيمياء و طب و
غيرها ، حيث كان بابا الفاتيكان "سيلفستر الثاني" من سنة 999 ميلادية الى 1003 ميلادية من خريجيها و يقال أنه من أدخل الأعداد
العربية إلى اوربا بعد عودته من دراسته بالقرويين، درس فيها الفقيه المالكي
"ابو عمران الفاسي" فقيه القيروان انذاك، و تخرج منها ابن البنا المراكشي و ابن
العربي و أبو العباس أحمد بن محمد بن عثمان الشهيربابن البناء و ابن خلدون المؤرخ ومؤسس
علم الاجتماع، ولسان الدين بن الخطيب وابن مرزوق، و أبو بكر محمد بن يحيى بن
الصائغ المعروف بابن باجة و قد نبغ في علوم كثيرة، منها اللغة العربية
والطب وكان قد هاجر من الأندلس وتوفي بفاس ...
كما مكث فيها الشريف
الادريسي مدة و زارها أيضا ابن زهر مرات عديدة ودون فيها، النحوي ابن
اجروم كتابه المعروف في النحو
" الاجرومية".
باب القرويين- زخارف
مغربية أندلسية وأقفال من النحاس والذهب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق